القمة العالمية للحكومات.. التأسيس لعالم أفضل
الهاشمي نويرة – صحيفة البيان الإماراتية
أصبح من الواضح أن توجهين اثنين يحكمان العالم، أحدهما هدام والآخر بنّاء.
ففي حين يحشد البعض كل القوى لإشعال فتيل الحروب ومواصلتها وتنظم القمم واللقاءات لأجل ذلك إيذاناً بنزاعات مدمرة للدول والمجتمعات، تنزع مقابل ذلك قوى الخير والبناء إلى تهيئة نموذج علاقات دولية يشجع على التنمية والاستثمار والتميز في ضوء مناخ مستقر وآمن، وتنظم هذه القوى لتحقيق هذا الهدف السامي الملتقيات والقمم.
بدا من البين أيضاً أن أفق الصدامات والحروب والنزاعات محدود جداً ولم يعد بإمكان السلوكيات العدائية تحقيق أنماط تنمية مستدامة وقادرة على خلق ومراكمة الثروة في مناخات آمنة ومستقرة، بما يضمن كرامة الشعوب وسيادية الدول والأوطان.
وقد كشفت أزمة كورونا والأزمة الأوكرانية ذات التداعيات العالمية، أن الطريق السالك والمنطقي والحكيم لمواجهات التحديات الكونية هو التضامن والشراكة بين الأمم والشعوب، وأضحى من البديهي كذلك أن مواصلة السياسات الوطنية بإثارة الفتن والحروب قد يؤدي الغرض إلى حين ولكن ذلك يسد أمام الإنسانية سبيل الأمن والاستقرار الدائم.
ومن الأمم والشعوب التي عاينت عن بعدٍ وعن قرب أحياناً سيناريوهات الحروب والدمار، من وصل إلى الاستنتاج المنطقي بأن مواجهة التحديات الكونية والوطنية لا يكون إلا باعتماد سياسات استباقية تقوم على محورية التنمية والتميز وبناء العلاقات مع الأمم والشعوب الأخرى على أساس الشراكة والتضامن بما يكفل تحقيق المصالح والأهداف.
نسوق هذا الكلام بمناسبة عقد القمة العالمية للحكومات 2023 في دبي والتي تعقد ضمن رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وتحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله.
ونعتقد جازمين أن تنظيم دولة الإمارات العربية المتحدة للقمة العالمية للحكومات بين 13 و15 فبراير 2023 يأتي ضمن رؤية قوامها أن عالماً آخر مستقراً وآمناً ومتضامناً هو ممكن وضروري.
وذلك لثلاثة أسباب على الأقل، أولاً، أن هذه الدولة قطعت بالكامل مع السياسات العشوائية واعتمدت في تنميتها الوطنية خططاً استراتيجية تضمن لها التميز والرفاه الاقتصادي والاجتماعي بما يخلق بيئة سليمة لممارسة السياسة، وثانياً، أنها من قلائل الدول التي فهمت ضيق أفق النزاعات والحروب، وهي لذلك سعت وساعية إلى تجاوزها بالكامل.
وثالث هذه الأسباب أن دولة الإمارات العربية المتحدة استوعبت بصفة مبكرة خطورة التطرف والإرهاب والمغالاة في الفكر على استقرار الدول والمجتمعات ما دفعها إلى مجابهة هذه الظواهر المرضية بالحزم الكافي والضروري.
وإن التدقيق في محاور القمة العالمية للحكومات يقف على حقيقة واحدة وهي أن الفهم الجدي للعلاقات بين الدول والشعوب يقوم على مسلمة تقطع بالكامل مع السائد إلى حد الآن وهي، أن مواصلة السياسات الوطنية يمكن أن تكون بطرق أخرى غير طريق الحروب.
وإن محاور، تسريع التنمية والحوكمة، وحوكمة المرونة الاقتصادية والتواصل، ومستقبل المجتمعات والرعاية الصحية، وكذلك الفعاليات الأخرى التي تنظم على هامش وفي إطار القمة كاجتماع وزراء المالية العرب وغيره هي محاور وفعاليات أساسية لبناء مجتمعات ودول مستقرة وآمنة.
ولكن التمعن في بقية محاور القمة يضعنا أمام حقيقة أخرى مختلفة تماماً عن السائد من الحقائق وتتمحور حول سؤال جوهري: كيف نجعل من التميز الشيء الأعدل قسمة بين المجتمعات؟
إن محاور، التعليم والوظائف كأولوية أساسية للحكومات، واستكشاف آفاق جديدة، وتصميم واستدامة المدن العالمية هي محاور تحيلنا على قاموس ومفردات التميز الذي من شروطها ضمان القدر العالي من التنمية والاستقرار.
هي قمة عالمية للحكومات، ولكنها قمة جامعة كذلك لكل الأطراف الفاعلة.
معالي محمد عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء رئيس مؤسسة القمة العالمية للحكومات أكد أن منصة القمة العالمية للحكومات في دورتها الحالية لهذا العام ستجمع 20 رئيس دولة وحكومة وأكثر من 250 وزيراً، بالإضافة إلى 10 آلاف من رجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين وقادة الفكر والخبراء العالميين الأبرز في العالم، مضيفاً:
«القمة تجمع هذا العام أكثر من 80 منظمة عالمية وإقليمية، لتصبح التجمع العالمي الأبرز والحدث الأهم للمنظمات العالمية»، وإن نجاح هذه القمة يؤسس بلا شك لعالم جديد وأفضل.