تجريم تداول الإشاعات..والمؤبد لمن يواقع أنثى جبراً.. الإمارات تصدر أضخم تطوير تشريعي في تاريخها
اعتمد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة أضخم مشروع لتطوير التشريعات والقوانين الاتحادية في الدولة وذلك بهدف تعزيز البيئة الاقتصادية والبنية الاستثمارية والتجارية في الدولة، بالإضافة الى دعم أمن واستقرار المجتمع، وحفظ حقوق الأفراد والمؤسسات.
وتأتي التغييرات في عام الخمسين لتشمل أكثر من 40 قانوناً ذو علاقة بالقطاعات الاستثمارية والتجارية والصناعية، وقوانين الشركات التجارية، وتنظيم وحماية الملكية الصناعية، وحقوق المؤلف، والعلامات التجارية، والسجل التجاري، والمعاملات الإلكترونية وخدمات الثقة، والتخصيم، وقانون دخول وإقامة الأجانب وقانون القواعد العامة الموحدة للعمل بالإضافة إلى القوانين ذات العلاقة بالمجتمع وأمن أفراده مثل قانون الجرائم والعقوبات، وقانون مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية ومكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية.
و جاءت التغييرات التشريعية الجديدة بعد تنسيق اتحادي محلي، ومن خلال فرق عمل تضم 540 متخصصا وخبيرا من 50 جهة اتحادية ومحلية، وعلى مدار الـ 5 أشهر الماضية، بالإضافة إلى التشاور مع أكثر من 100 شركة في القطاع الخاص.
المعاملات الإلكترونية وخدمات الثقة
يقانون “المعاملات الإلكترونية وخدمات الثقة” القيمة القانونية للتوقيع الرقمي ليكون مدعوما بتقنيات حديثة وآمنة، وذا حجية قانونية كاملة، ليتم قبول التوقيع الرقمي بمستوى قبول التوقيع اليدوي، بما يغني عن الحضور الشخصي لإتمام المعاملات في المؤسسات والبنوك والمحاكم، سواء من داخل الدولة أو من خارجها.
الملكية الصناعية .
ومن القوانين التي جرى التعديل عليها قانون تنظيم وحماية الملكية الصناعية، من أجل تطوير مناخ الملكية الفكرية في الدولة، باعتبارها ركنا أساسيا لتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي والحضاري.
و ركزت التعديلات على استحداث مجالات جديدة للحماية وتحقيق عوامل السرعة والمرونة والفعالية في عمليات الفحص الشكلي والموضوعي وإجراءات وخدمات التسجيل لجميع طلبات الملكية الصناعية، والتي تشمل براءات الاختراع، وشهادات المنفعة، والرسوم البيانية، والتصاميم الصناعية، والدوائر المتكاملة Integrated Circuits والتي لها أهمية في تحفيز الابتكارات والاختراعات الإلكترونية وحمايتها، وحماية المعلومات غير المفصح عنها.
وركزت الإجراءات الجديدة على اختصار المدة المستغرقة لصدور نتيجة الفحص الخاص ببراءات الاختراع إلى 6 أشهر ابتداء من استلامها الطلب، مقارنة بـ 42 شهرا في السابق، بما يتوافق مع أفضل 5 ممارسات لمكاتب براءات الاختراع الأبرز في العالم.
حقوق المؤلف والحقوق المجاورة .
أما قانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة فأصبح بنسخته المطورة يسمح للجهات بنسخ المصنفات المنشورة وتوزيعها وإتاحتها بطرق تضمن الوصول للمكفوفين وأصحاب الهمم ممن لديهم تحديات في الإبصار، بهدف تمكينهم من قراءة تلك المصنفات والمطبوعات دون الحاجة إلى أخذ موافقة صاحب الحق، الناشر أو المؤلف، مع وضع المعايير والضوابط اللازمة مما يعزز فرص مشاركة هذه الفئة في الحياة الثقافية للمجتمع والاستمتاع بالفنون، وتعتبر الدولة من أوائل الدول التي أعطت هذا الاستثناء.. إلى جانب استحداث لجنة للنظر في التظلمات على قرارات وزارة الاقتصاد المتعلقة بحقوق المؤلف وقبل رفعها للمحكمة، بهدف تسريع إجراءات التقاضي خلال فترة وجيزة وحماية المؤلف من أي تعد على حقوقه.
العلامات التجارية .
يعد قانون العلامات التجارية من القوانين التي جرى عليها التعديل، ومن أبرز التعديلات عليه التوسع في مجال نطاق حماية العلامات التجارية لتشمل حماية العلامات غير التقليدية منها العلامات ثلاثية الأبعاد، والهولوغرام، وعلامات الصوت كالنغمات الموسيقية المرتبطة بالشركة والتي تميز منتجاتها، وعلامات الرائحة مثل ابتكار رائحة مميزة للشركة أو العلامة التجارية، ولا يقصد بذلك العطور، وذلك لمواكبة التطورات العالمية في مجال صناعة العلامات التجارية.
ومن التغييرات أيضا إلغاء شرط وجود الرخصة التجارية للسماح بتسجيل العلامة التجارية، وأصبح بإمكان الأشخاص الطبيعيين إضافة إلى الاعتباريين /الشركات/ تسجيل وحماية العلامات التجارية، وهذا من شأنه إعطاء مرونة للمبدعين والموهوبين وأصحاب الأفكار المبتكرة لعمليات التسجيل قبل تسجيل الشركة.. كما شملت التعديلات إعطاء فرصة لأصحاب الشركات الصغيرة والناشئة بحماية مؤقته لحماية علامة منتجاتهم خلال مشاركاتهم في المعارض.
السجل التجاري
و من القوانين التي جرى عليها التعديل قانون السجل التجاري.. ومن أبرز هذه التعديلات احتفاظ السلطات المحلية في كل إمارة بصلاحيات إنشاء سجلاتها التجارية وإدارتها بما يشمل أعمال القيد ورصد البيانات وتغييرها.
كما تم تحديد نطاق أوضح لتطبيق القانون ليشمل تسجيل الشركات والمؤسسات الاقتصادية بجميع أشكالها سواء كانت تجارية /شركات/ أو مهنية مثل مكاتب المحاماة والمحاسبين وغيرها، لضمان شمولية البيانات الواردة في السجل التجاري لجميع المنشآت الاقتصادية في الدولة.
و لن يترتب على إنشاء السجل الاقتصادي والقيد فيه أية إجراءات إضافية على المتعاملين، حيث أن الشركات ستستمر في قيد بياناتها في السجل التجاري كما هو مطبق حاليا، ولكنه سيفعل عملية الربط بين وزارة الاقتصاد والسلطات المحلية ليتم القيد بشكل تلقائي في السجل الاقتصادي.
قانون التخصيم وحوالة الذمم المدينة
تم استحداث قانون التخصيم وحوالة الذمم المدينة بهدف الاستمرار في تطوير البيئة التشريعية للقطاعات الاقتصادية والمالية في الدولة.
يعد التخصيم من وسائل التمويل السهلة التي تمكن المشاريع الصغيرة والمتوسطة من الحصول على التمويل اللازم لها، خاصة في الأحوال التي يصعب عليها الحصول على التمويل بالاعتماد على أدوات قروض تقليدية.. حيث يمكن للشركات استعمال ما لها من حقوق مالية حسب ما هو مسجل في دفاتر حساباتها الدائنة /أي ما لها من ديون على الغير مؤجلة الدفع/ وذلك من خلال بيع تلك الحقوق أو تقديمها كضمان إلى “شركة مرخصة” للحصول على تمويل منها..
وهنا تقوم “الشركة المرخصة” بتقديم التمويل للمشروع، ويكون “المقابل” هو قيمة تلك الحسابات الغير محصلة مخصوما منه ما يعادل سعر الفائدة ورسوم الخدمة.. وتحل الشركة المرخصة محل المشروع كدائن جديد وفق الأحكام القانونية التي يضمنها القانون.
الشركات التجارية
وشهد قانون الشركات التجارية مراجعة جذرية تم الإعلان عنها في أغسطس 2020، حيث تم إدخال تعديل جوهري على أحكامه سمح بموجبه بالتملك الأجنبي الحر في كافة القطاعات الاقتصادية بنسبة 100%، باستثناء عدد من الأنشطة الاقتصادية المحدودة ذات الأثر الاستراتيجي.
و أجريت تعديلات جديدة على القانون من خلال استحداث أشكال جديدة للشركات التجارية ذات التنظيم الخاص تتضمن الشركات ذات الغرض الخاص /SPV/ والشركات المؤسسة لغرض الاستحواذ أو الاندماج /SPAC/ ووضع إطار قانوني خاص بهذه الأشكال القانونية الجديدة وتنظيم عملها وضمان فعاليتها وجدواها الاقتصادية وتعزيز نموها ومردودها على بيئة الأعمال.. حيث تؤسس الشركات ذات الغرض الخاص SPV لعدة أغراض أهمها فصل الالتزامات والأصول المرتبطة بعملية تمويل معينة عن التزامات وأصول الشخص الذي أسسسها ورعاها، وتستخدم في الأساس في عمليات الائتمان والاقتراض والتوريق وإصدار السندات ونقل المخاطر المرتبط بعمليات التأمين وإعادة التأمين والمشتقات.
قانون التعليم العالي.
يهدف القانون إلى تنظيم ترخيص مؤسسات التعليم العالي بكافة أنواعها في الدولة واعتماد برامجها وضمان الحوكمة والإدارة الفاعلة لمؤسسات التعليم العالي، والارتقاء بجودة التعليم العالي في الدولة وتنافسيته، وتشجيع البحث العلمي في المؤسسات التعليمية.
الجرائم والعقوبات
يعيد القانون تنظيم قانون “الجرائم والعقوبات”، والذي يدخل حيز التنفيذ اعتبارا من الثاني من يناير المقبل، حيث يعاقب القانون بالحبس والغرامة أو بإحدى العقوبتين كل من مارس نشاطا متعلقا بالمشروبات الكحولية دون ترخيص أو بالمخالفة لشروط الترخيص أو تعاطى المشروبات الكحولية في غير الأماكن المصرح بها وأحدث شغبا أو أقلق الراحة العامة أو قدم أو باع إلى شخص دون الـ 21 عاما مشروبات كحولية.
و ينص على أن الدعوى الجزائية في جرائم الاختلاس والإضرار بالمال العام لا تنقضي بمضي المدة، ويشدد عقوبة من يشكل تهديدا للأمن العام أو لسلامة الأشخاص أو الأموال.
ويعاقب القانون بالسجن المؤبد لمن واقع أنثى بغير رضاها، والحبس والغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف درهم أو إحدى العقوبتين، كل من هتك عرض شخص آخر رجلا كان أم أنثى، وتكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن /5/ خمس سنوات ولا تزيد على /20/ عشرين سنة إذا كان الفعل أو الشروع فيه مصحوبا بالقوة أو بالتهديد.
كما حدد القانون أن الدعوى الجزائية لا تقام في حالات مواقعة شخص آخر رجلا كان أم أنثى أتم 18 عاما /فما فوق/ وكان برضا الطرفين إلا بناء على شكوى من الزوج أو الولي.
وللزوج أو الولي التنازل عن الشكوى، ويترتب على التنازل انقضاء الدعوى الجزائية أو وقف تنفيذ عقوبة الحبس المحددة بمدة لا تقل عن ستة أشهر لكلا الطرفين.
و شدد القانون على حماية حقوق الأطفال الذين يولدون خارج نطاق علاقة الزواج وذلك من خلال النص على عقوبة الحبس مدة تصل إلى عامين في حال عدم الإقرار ببنوة الطفل المولود وعدم استخراج الأوراق الثبوتية له.. كما تم التشديد في العقوبات في كافة الجرائم وخاصة جرائم هتك العرض إذا كان سن المجني عليه أقل من 18 عاما، أو كان لا يعتد بإرادته لأي سبب كان.
و من أهم الأحكام التي استحدثها قانون الجرائم والعقوبات سريانه على كل من ارتكب خارج الدولة جريمة القتل العمد التي تقع على أحد مواطني الدولة أو شارك في هذه الجريمة.
مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية .
سيدخل القانون حيز التنفيذ في الثاني من يناير 2022، ويعد من أوائل القوانين في المنطقة التي تجرم الأفعال أو الجرائم التي تتم عن طريق استخدام تقنية المعلومات، وذلك نظرا لخطورتها وما يترتب عليها من إضرار بمصالح الدولة وبأجهزتها الحكومية.
ويجرم كل من اخترق موقعا إلكترونيا أو نظام معلومات إلكترونيا أو شبكة معلومات أو وسيلة تقنية معلومات، بقصد الحصول على بيانات حكومية أو معلومات سرية خاصة بمنشأة مالية، أو تجارية، أو اقتصادية، كما يعاقب على جرائم التسول الإلكتروني والترويج المظلل للسلع والخدمات وخاصة المنتجات الطبية المقلدة أو غير المرخصة باستخدام وسائل تقنية.
كما يجرم تداول أو إعادة تداول الإشاعات الكاذبة أو المغرضة التي من شأنها إلحاق ضرر بالمصلحة العامة أو بالاقتصاد الوطني أو بالنظام العام أو بالصحة العامة، وتجريم إتلاف البيانات أو تعطيل البرامج والبيانات والمعلومات على أي نظام معلوماتي بدون مبرر قانوني.
حماية البيانات الشخصية
يشكل قانون حماية البيانات الشخصية إطارا متكاملا لضمان سرية المعلومات وحماية خصوصية أفراد المجتمع عبر توفير الحوكمة السليمة لإدارة البيانات وحمايتها على النحو الأمثل، حيث يحدد القانون الأطر العامة للتعامل مع البيانات الشخصية المتعلقة بالأفراد، وتحديد كيفية جمع تلك البيانات ومعالجتها وتخزينها واستخدام أفضل الوسائل وأكثرها تطورا لضمان حمايتها، علاوة على تحديد حقوق وواجبات كافة الأطراف المعنية، والتي يأتي في مقدمتها أفراد المجتمع.
و تسري أحكام القانون على معالجة البيانات الشخصية، سواء كلها أو جزء منها عن طريق وسائل الأنظمة الإلكترونية التي تعمل بشكل تلقائي وآلي وذلك داخل أو خارج الدولة، ويحظر معالجة البيانات الشخصية دون موافقة صاحبها إلا في حالات محددة.
مكتب الإمارات للبيانات
يأتي قانون إنشاء مكتب الإمارات للبيانات في ضوء الجهود الحكومية الهادفة إلى ضمان الحماية الكاملة للبيانات الشخصية خلال كافة مراحل التعامل معها.
ويختص المكتب الذي سيتبع مجلس الوزراء بمجموعة كبيرة من المهام التي تتضمن اقتراح وإعداد السياسات والاستراتيجيات والتشريعات المتعلقة بشؤون حماية البيانات، واقتراح واعتماد الأسس والمعايير الخاصة بالرقابة على تطبيق التشريعات الاتحادية المنظمة لحماية البيانات، وإعداد واعتماد الأنظمة الخاصة بالشكاوى والتظلمات المتعلقة بحماية البيانات، وإصدار الأدلة والتعليمات اللازمة لتطبيق تشريعات حماية البيانات.