شرح مبادئ الخمسين: التركيز على بناء الاقتصاد الأمثل

 شرح مبادئ الخمسين: التركيز على بناء الاقتصاد الأمثل

شرح مبادئ الخمسين: التركيز على بناء الاقتصاد الأمثل

د. عبدالله جمعة الحاج – صحيفة الاتحاد

يقول المبدأ الثاني من مبادئ الخمسين القادمة بأن: «التركيز بشكل كامل خلال الفترة المقبلة على بناء الاقتصاد الأفضل والأنشط في العالم.التنمية الاقتصادية للدولة، هي المصلحة الأعلى، وجميع مؤسسات الدولة في كافة تخصصاتها وعبر مستوياتها الاتحادية والمحلية ستكون مسؤوليتها بناء أفضل بيئة اقتصادية عالمية والحفاظ على المكتسبات التي تم تحقيقها خلال الخمسين عاماً السابقة»، فما الذي يعنيه هذا المبدأ؟ ولماذا تمت صياغته بهذه الطريقة المحكمة التي تجعل منه شاملاً وجامعاً؟ وفي تقديري أن السبب في ذلك يعود إلى أن دولة الإمارات تسعى إلى تبني استراتيجية طموحة ومتحفزة للتفوق الاقتصادي في الداخل أولاً بفضل الاستثمار في المستقبل.
وثانياً، إصلاح وترميم النظام العالمي للتجارة والتمويل ساعية باتجاه قيادة عالمية جماعية فعالة تتولاها الأمم الغنية والفعالة والمؤثرة في عالم اليوم ودولة الإمارات من بينها.
ثالثاً، تجديد التزامها بمساعدة الدول النامية الفقيرة. ورابعاً وأخيراً الاستثمار في المستقبل في جميع الدول النامية والمتعثرة والمتقدمة على حد سواء.
ووفقاً لهذا المبدأ الرصين، فإن دولة الإمارات تنظر إلى ذاتها بواقعية متناهية، فرغم أنها مستمرة في كونها واحدة من أقوى الدول اقتصادياً في العالم، إلا أنها تعلم أيضاً بعدم قدرتها منفردة على معالجة وتجاوز كل مشكلة عالمية عن طريق استخدام مواردها الذاتية.
نعم هي تستطيع أن تقوم بما في وسعها القيام به، لكنها لا تستطيع القيام بكل شيء، وربما أن البعض قد يتحسر مستقبلاً على فقدان الأيام التي كانت فيها البلاد تعتمد بشكل أساسي على إنتاج وتصدير النفط الخام والغاز الطبيعي، لكن من الخطأ قياس إمارات المستقبل بإمارات الماضي عندما كانت الحياة هادئة والموارد النفطية وعوائدها وفيرة والمسؤوليات محددة.
إن ما تصبو إليه إمارات المستقبل، هو أن تكون لها حصتها الكاملة في الاقتصاد العالمي، وأن تكون مخرجاتها وإسهاماتها فيه بقدر حجمها وحجم الطموحات التي هي بصددها. إن ما تطمح فيه، هو أن تصبح المركز الرئيس للاقتصاد والتجارة العالمية.
لكن تحقيق مثل هذه الأمنيات والتطلعات لا يتأتى من فراغ أو بقليل من الجهد، لكنه يحتاج إلى المثابرة والعمل الدؤوب، لذلك نحن نرى وجود سبب وجيه للتنبيه إلى أنه في سلوكياتنا الاستهلاكية يوجد ما يحتاج منا إلى التغيير من الاستهلاك المفرط إلى الادخار المعتدل والمتوازن.
ويعود السبب في ذلك إلى أن مدخرات واستثمارات شعب الإمارات أقل مما يجب مقارنة بما لدى منافسينا من الشعوب في الاقتصاد العالمي، حيث توجد هوة في هذا المجال علينا ردمها في أقصر وقت ممكن.
ورغم تطور بلادنا الهائل وتقدمها السريع والمدهش على مدى الخمسين عاماً التي مضت، إلا أننا كشعب لم تترسخ فينا بعد مفاهيم الادخار والاستثمار الصحيحة على المستويات الشخصية، فعلى سبيل المثال على مدى العقد المنصرم نحن لا نزال نقع في مراتب متأخرة وراء شركائنا التجاريين الذين نستورد منهم أكثر مما نصدر إليهم من السلع المصنعة والخدمات المساندة.وهذه مسألة تحتاج منا كمواطنين تحسين إنتاجيتنا وزيادة استثماراتنا في مجال الصناعات المختلفة المعدة للتصدير إلى الخارج وزيادة جودة الموجود منها لكي تقوى على المنافسة في أسواق عالمية لا ترحم.
في عالم اليوم أصبح الاقتصاد العالمي متداخلاً، بحيث إن مفاهيم العولمة الجديدة من زاوية الإنتاج وأسواق رأس المال قلصت استقلالية الدول الاقتصادية، ومنها اقتصاد دولة الإمارات، ومثل هذا التداخل والتشابك جعل من المبدأ الثاني من مبادئ الخمسين ينظر إلى المستقبل أكثر من نظرته إلى الحاضر.
وفي الوقت نفسه لا بد من الإشارة إلى أن المسافة بين اقتصادات الدول المتقدمة والدول النامية التي ولجت حديثاً إلى التصنيع ومجالات الاستثمار الرأسمالي الأخرى آخذة في التقلص، وربما بشكل سريع جداً، وقد تمكنت دولة الإمارات من اختصار تلك المسافة بشكل لافت للنظر، وقد جاء المبدأ الثاني هذا لكي يؤكد هذه الحقيقة ويجعل من دولة الإمارات وشعبها ينظرون إلى المستقبل وهم مفعمون بالأمل والقدرة على تحقيق الإنجازات والسير إلى المستقبل المشرق بخطى ثابتة وأكيدة.
*كاتب إماراتي

أخبار ذات صلة

"https://uaeplus.ae/